حول مفهوم الامبريالية و مهام اتحادات الشباب .
بقلم : د. عمرو حمود حديفة، بتكليف من الرفاق في اتحاد الشبيبة الشيوعية الفلسطينية.
لا يمكن ان يخفى على اي متابع بسيط للحركة الشيوعية العالمية، الانقسام العامودي الحاصل فيها، وخاصة بعد بدء الحرب بين روسيا و بين حلف شمال الأطلسي على الأراضي الاوكرانية .
وقد ظهر هذا الانقسام ليس فقط في اوساط الأحزاب الشيوعية و الحركة العمالية و لكن أيضا في أوساط المنظمات الشبابية الشيوعية و اليسارية، و خاصة في صفوف اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي.
ويمكن تقسيم المواقف من هذه الأزمة إلى ثلاثة اقسام:
القسم الأول مؤيد للغزو الروسي للأراضي الاوكرانية متمسكاً بمقولة نحو عالم متعدد الاقطاب.
القسم الثاني : مؤيد لموقف الغرب السياسي والاطلسي في دعم المحمية النازية في أوكرانيا تحت شعار حقوق الإنسان و السيادة و قِيم الديمقراطية و الشرعية الدولية.
القسم الثالث: وهو الذي يرفض الحرب بحد ذاتها باعتبارها حرب بين قوة امبريالية و بين شعب واحد ( الروسي و الاوكراني) ولن تستفيد منها الطبقة العاملة في اي بلد في العالم، بل من سوف يستفيد هم الرأسماليون و الامبرياليون بغض النظر عن جنسيتهم.
طبعا من الضروري التنويه إلى أن القسم الثاني ( اي المؤيد للناتو والحرب) هو الاقلية شبه المطلقة. ويحتدم الصراع الفكري و السياسي بين القسمين الآخرين.
واذا عدنا إلى جوهر هذا الانقسام السياسي فإن مرده هو الاختلاف النظري، و الانطلاق في المقاربات السياسية للأحداث من نقاط منهجية نظرية مختلفة.
ونحن في الشبيبة الشيوعية الفلسطينة والتي هي شبيبة نضالية تعمل تحت قيادة و إشراف الحزب الشيوعي الفلسطيني، نود ان نوضح رأينا في هذا الموضوع استنادا إلى النظرية الماركسية اللينينة التي نسترشد و نعمل بها.
ان جوهر الجوهر في هذا الصراع هو الفهم المختلف للمفاهيم و لسمة العصر الرهنة:
اول ما يجب توضويحه في هذا الصراع المفاهيمي هو تعريفنا لمفهوم الامبريالية، و بالتالي بناءا عليه يبنى على الشيئ مقتضاه.
من المعلوم حاليا ان مصطلح الامبريالية أصبح يستخدم من قبل الكثيرين في وصف دولة ما بالسوء، دون البحث عن الجوهر الاقتصادي السياسي لهذا المصطلح، أي حشره فقط في نطاق علم الأخلاق و اقصاءه من نطاق علوم الاقتصاد و السياسة و الاجتماع. (وهذا ليس عن غير قصد بطبيعة الحال).
فمثلا نرى الرئيس الأمريكي جو بايدن يصف ايران بأنها دولة امبريالية!!!! في حين يصف الدولة الاوكرانية بالقلعة الصامدة للدفاع عن قيم الحرية و العدالة!!!!
وبالمقابل نجد العديد من القوى “التقدمية” التي تصف الغرب السياسي الأطلسي بالدول الامبريالية، في حين ترفض ان تصف روسيا و الصين و الهند بالامبريالية. وتقول انها دول رأسمالية صاعدة!
لذلك أصبح لزاماً علينا ان نبين موقفنا من مفهوم الامبريالية و من الحرب الراهنة في أوربا، ومن بعض المفاهيم المرتبطة بها.
ان مرجعيتنا النظرية كما اسلفنا هي الماركسية اللينينة و لذلك فان مفهومنا عن الامبريالية هو المفهوم الذي صاغه لينين ليس فقط في كتابه الفذ ( الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية) بل ايضاً في العديد من مؤلفاته الأخرى مثال: الاشتراكية و الحرب، الامبريالية و انشقاق الاشتراكية، حول حق الأمم في تقرير مصيرها، حول شعار الولايات المتحدة الاوربية، المنهج الحربي للثورة البروليتارية، فإن هذه الأعمال تشكل جزء ً لا ينفصل عن دراسة لينين للامبريالية.
ان هذه الورقة هي ليست بحث أكاديمي نظري حول موضوع الإمبريالية وإنما ورقة عمل سياسي، لذا سوف نقتصر في الحديث عن الإمبريالية حول السمات الرئيسية للامبريالية التي وضعها لينين، علماً ان محاولة التظليل للبعد الاقتصادي لهذا المصطلح هي ليست جديدة وإنما تعود الى أيام كاوتسكي الذي حاول الفصل بين الامبريالية وبين الرأسمالية.
حدد لينين خمسة سمات أساسية للامبريالية:
اولا: ازدياد تركز وتمركز راس المال وظهور الاحتكارات العالمية.
ثانيا: اندماج الرأسمال الصناعي والرأسمال المصرفي وتشكل ما يسمى الرأسمال المالي او الطغم المالية.
ثالثا: تصدير رؤوس الأموال بدلا من البضائع.
رابعا: الانتهاء من اقتسام العالم كاملا سياسيا واقتصاديا.
خامسا: الصراع من اجل اعاده اقتسام العالم سياسيا واقتصاديا من جديد.
ولو انطلقنا من هذه السمات كمعايير لتحديد ما اذا كانت الدولة المعنية، هي دولة امبريالية ام لا فإننا سوف نجد ان تلك الدول التي يرفض بعض ” التقدميين” وصفها بالامبريالية تتصدر مواقع رئيسية في رأس الهرم الامبريالي العالمي:
فمثلا نسبة ازدياد اعداد أصحاب المليارات في روسيا و الصين و الهند، لا تتناسب البتة مع نسبة زيادة عدد السكان، سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
فالصين تتبوء المركز الثاني عالميا بعدد أصحاب المليارات في العالم، و الهند المركز الثالث، بينما تحتل روسيا المركز الخامس عالمياً!
بينما الولايات المتحدة تحتوي نصف عدد الملياديرات العالمية ضمن قائمة اكثر عشر دول تحتوي أصحاب مليارات، و ٤٠% من عدد الملياردايرت على مستوى العالم.
وبالتالي فإن هذا التمركز المخيف للثروة لم يأتي من قبل المنافسة الحرة التي سادت الرأسمالية ما قبل الاحتكارية إنما من خلال الربح الفوق احتكاري سواء على مستوى السوق المحلي أو على المستوى العالمي.
ولو نظرنا الى المعيار الثاني وهو اندماج الرأسمال الصناعي والرأسمال المصرفي وتشكل الطغم المالية، فهل في الصين وروسيا والهند مثل هذه الطغم الماليه الكبرى؟ بالتاكيد نعم، فروسيا تضم ثلاثة من أكبر شركات العالم التي تحتكر صناعات معينة وأيضا استثمارات تكنولوجية و مصرفيه ليس فقط في روسيا وانما في جميع دول العالم، الذي لم يخضع لنظام العقوبات الذي فرضه الغرب السياسي على روسيا إبان الحرب على اوكرانيا.
الصين ايضا تمتلك شركات مسيطرة على العديد من الصناعات التقليدية والتكنولوجية وايضا على التعاملات المصرفية في العديد من دول العالم، وعلامة صنع في الصين خير دليل على ذلك، والهند كذلك الأمر. طبعا هذه الاحتكارات تخضع لضوابط داخلية وذلك نظراً للتجربة التي خاضتها الامبريالية العالمية بعد أزمه الركود الكبير ١٩٢٩ – ١٩٣٣، وبالتالي فإن الطبقة الرأسمالية في الصين وروسيا والهند قد تعلمت من شقيقتها الامريكية والغربية عموما، وان هذه الضوابط الداخلية تنفلت من عقالها عندما يتعلق الامر بالتمدد خارج حدود هذه الدول.
وعلى مستوى المعيار الثالث تصدير رؤوس الأموال بدلا من البضائع، فإن أبرز أشكال هذه الظاهرة هو الاستثمارات الخارجية و الديون. وهذا الموضوع ليس بحاجة إلى شرح مكثف حول الاستثمارات الروسية و الصينية و الهندية في دول العالم سواء الجنوبي او الشمالي، ناهيك عن الديون التي تُغرِق الصين فيها دول أفريقيا و العالم، على خطى شقيقتها اللدودة الامبريالية الغربية.
ان الصراع من اجل إعادة اقتسام العالم اقتصادياً وسياسياً مرده بالأساس للتطور والنمو اللامتكافئ بين القوى الامبريالية العالمية، فاذا كانت المنافسة والمزاحمة الحرة قد خلقت بالضرورة الإحتكارات لاحقاً، فان المنافسة على مستوى الإحتكارات العالمية المدعومة بالإمكانيات العسكرية المهولة للدول المعنية، سوف تؤدي حتماً الى حالة التوتر والتأزم المستمرة والبنيوية التي تعيشها الرأسمالية حاليا في اعلى مراحلها واخرها، ألا وهي الامبريالية. فالامبرياليه اذاً هي الرأسمالية المتعفنة الآيلة للسقوط والتي تشكل سلطة الاحتكارات جوهر الجوهر في تكوينها الاقتصاد والسياسي، او باختصار كما عرفها لينين الإمبريالية هي الرأسمالية الاحتكارية.
ولكن يجدر بنا ان ناخذ بعين الاعتبار ان كل الحدود في الطبيعه والمجتمع هي حدود مشروطة، وغير ثابتة، لذلك فمن السخافة ان نناقش مثلاً في أي عام او عقد حدث التوطيد النهائي للامبريالية في الصين او في روسيا.
واذا أخذ علينا البعض فكرة ان الصين لم تغزو اي بلد عسكرياً ولم تحتل اي دولة و لا تقوم بالتدخل في شؤون الدول الداخلية، فجوابنا أن هذا تظليل، فالسويد مثلا لم تقم باي حرب منذ ٢٠٠ عام و لكن هل ينزع هذا عنها صفة الامبريالية؟ طبعا لا، فالعسكرة ليس الصفة الوحيدة للإمبريالية ولكن إحدى صفاتها.
ثم ان بعض القومين المعادين للغرب، قد يأخذ علينا فكرة ان روسيا تواجه الغرب و الناتو عوضاً عن الحركة الشيوعية العالمية و عن حركة التحرر الوطني العالمية، وهذا أيضا تظليل، فالروس الذين سيطروا على ٤٠% من مساحة أوكرانيا لم يقوموا إلا باستبدال الأسياد الذين كانوا يستغلون العمال في شرق أوكرانيا بأسياد آخرين روس. ناهيك عن فاتورة الدم الهائلة التي دفعتها كل من الطبقة العاملة الروسية و الاوكرانية في هذه الحرب ارضاءً للاسياد الامبرياليين.
فجوهر المشكلة في الحرب الدائرة حاليا في شرق أوربا هو تحطيم اتحاد الجمهورية الاشتراكية السوفيتية، و تفكيكه، وبالتالي إعادة الصراعات التي لا تخدم سوى كبريات الإحتكارات العالمية. وان الرد على هذه الحرب لا يكون بالإصطفاف مع بعض اللصوص ضد البعض الاخر، وإنما بالنضال ضد نظام الحرب العالمي ذاته، في سبيل معاقبة الرأسمالية و تحطيمها لبناء الإشتراكية، أو كما عبر لينين عن ذلك في معرض نقده لموقف الأممية الثانية من الحرب العالمية الاولى، حيث أطلق شعار إعلان الحرب على الحرب، أي إعلان الحرب على الرأسمالية من أجل تحطيم سلطة رأس المال وإقامة سلطة الطبقة العاملة.
ان هذه المعايير التي وضعها لينين حول سمات الامبريالية هي بوصلتنا في التقييم والتحليل السياسي.
فالرأسماليون كما وضّح ماركس هم “عصابة من الاخوة الأعداء” يتنافسون على رأس هرم السيطرة العالمية، وليس على إقامة نظام عادل في مقابل نظام ظالم. فلا يوجد رأسمالية جيدة و رأسمالية سيئة. ولعل موقف دول العالم الرأسمالي من الحرب الامبريالية التي تشن على قطاع غزة و على الشعب الفلسطيني هي خير دليل على أنهم عصابة من الاخوة الأعداء.
مع التركيز هنا على ان السياسة و التكتيك تعلمنا ان نستفيد من كل حالة تأزم عند العدو الطبقي، فإذا تحارب اللصوص فإن الناس الشرفاء سوف يكونون سعداء، شريطة ألا يكونوا وقود هذه الحرب. وهذا التكتيك ينطبق أكثر على حالة الصراع الطبقي التي تخوضها حركة التحرر الوطني، منها على الصراع الطبقي التي تخوضه الطبقة العاملة الكلاسيكية في الدول الرأسمالية الكلاسيكية. من قبيل ذلك ومن اجل عدم وجود أي شيئ غامض في هذا الكلام، هو موقف حركة التحرر الوطني و علاقته بروسيا و الصين، فهم لا يساوّن بين روسيا و الصين من جهة و بين الغرب السياسي من جهة ثانية، نظراً لظرورات المعركة التحررية و خاصة في “الشرق الاوسط”، حيث الصراع على أشده، وبالتالي فان حركة التحرر الوطني تميز بين العدو الاساسي وهو الامبريالية العالمية و رأس حربتها الامبريالية الامريكية، و بين العدو الرئيسي وهو إسرائيل الصهيونية، و بين العدو الثانوي وهو روسيا و الصين، و كلمة الثانوي لا تعني عدم الأهمية وإنما تعني ترتيب أولويات الصراع في ظل ظروف المعركة الراهنة. وهذا التكتيك لا ينطبق طبعا على باقي ساحات الصراع المابين امبريالية، فهذا تكتيك و ليس استراتيجية.
حول مفهوم البروليتاريا:
لقد طرح لينين في كتابه حول حق الشعوب في تقرير مصيرها شعار ياعيال العالم و يا أيتها الشعوب المضطهَدة اتحدوا، في إشارة إلى أن نضال حركة التحرر الوطني التي تخوضها شعوب المستعمرات و شبه المستعمرات، و الشعوب التي لم تنجز مهام التحرر الوطني بعد، هي جزء أساسي من نضال الحركة العمالية و الشيوعية و الطبقة العاملة ككل. ضد الامبريالية العالمية التي كانت قد اقتسمت العالم نهائيا سياسيا و اقتصاديا، وتحاول الان نتيجة تفاقم صراعاتها و تناقضاتها الداخلية، إعادة اقتسامه في هذه الحركة العنيفة من التاريخ و التي تسمى الحرب، تحت مختلف الذرائع السياسية و القانونية الجوفاء و الساذجة في كثير من الأحيان.
وبالتالي فإن مفهوم الطبقة العاملة بالنسبة لنا، يتقاطع عضوياً مع حركة التحرر الوطني العربية و في طليعتها حركات المقاومة الفلسطينية، التي تخوض اليوم أشرس المعارك ضد العدو الامبريالي الصهيوني. رغم فارق القوة و التسليح و الدعم العالمي. وبالتالي فإننا نؤكد على المفهوم اللينيني السياسي للبروليتاريا اي الطبقة العاملة و حركة التحرر الوطني.
حول الامبريالية القانونية:
اننا نؤمن ان المؤسسات الدولية او ما يطلق عليه (هيئات القانون الدولي و ممنظماته من مجلس أمن إلى هيئة امم متحدة وصولا إلى المحاكم الدولية)، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، هي هيئات قانونية امبريالية، تسير فقط وفقاً لتوازن الصراع بين القوى الامبريالية العالمية و وفقا للمصلحة العليا للنظام الرأسمالي العالمي. والدليل على ذلك هو الفشل المطلق في حل ابسط القضايا الدولية الواضحة و التي لا يختلف عاقلان على عدالتها و صحتها، وهي وقف الحرب على قطاع غزة و إنهاء الاحتلال . الا ان هذا العجز مرده قصور موضوعي اكثر منه قصور ذاتي، نابع من ان الظروف التي ولد فيها القانون الدولي الحالي حيث أنها تختلف تماما عن واقع الحال اليوم، وبالتالي فانه قانون فاقد لمحله او لمضمونه، وبالتالي هو فاقد لسلطته و سيكون فاقد لذاته في نهاية المطاف، حيث لا تزال بنيته الفكرية الاساسية قائمة على العقلية التي سادت قبل الحرب العالمية الثانية لدى الدول الامبريالية، أي عقلية عصبة الأمم او مطبخ اللصوص كما وصفها لينين، وهي عقلية قائمة على ثنائية انثربولوجية جوفاء من قبيل عالم متمدن و عالم غير متمدن، أو من قبيل متحضر و متوحش ، و بالتالي فإن قواعد الحماية الدولية و الالتزام بقواعد الحروب لا تنطبق على الحروب بين القوى الامبريالية و بين حركات التحرر او الدول التي لا تدور في فلك النظام الامبريالي الغربي. وها هي يمحكمة العدل الدولية و محكمة الجنايات الدولية بعد ٨ أشهر من الابادة الجماعية التي تمارسها دولة الفصل العنصري الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني عاجزة عن اتخاذ موقف “إنساني” واحد تجاه هذه المسألة، بإستثناء بعض المسرحيات السافلة بين الفينة و الآخرة و التصريحات التي لا تحمي ضحية و لا تطعم طفل ولا تردع مجرم.
وبالتالي فإن ثقتنا بالقانون الدولي الحالي و بمؤسساته القانونية هي بقدر ثقتنا بالامبريالية، أي ثقة تساوي الصفر.
الامريالية الثقافية:
من المفيد التأكيد ان حالة السيولة التي تعيشها اوساط الشباب عالميا فكريا و اخلاقيا هي إنتاج التمزق و التفكك الأخلاقي للطبقة الحاكمة، فايدلوجية المجتمع هي ايدلوجية الطبقة الحاكمة، وبالتالي فان حالة التباعد الفكري و التشرذم و عدم القدرة على الاستناد إلى معايير فكرية واضحة، مردها إلى الأزمة الثقافية التي يعيشها النظام الرأسمالي و التي تسعى الشركات التكنلوجية الكبرى إلى تكريسه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الوهمي، التي في حقيقة الأمر هي وسائل تباعد اجتماعي، تجعل كل فرد معزول عن مجتمعه ومعزول عن أبناء طبقته و يقبع في قوقعته الإلكترونية لينتج و يستهلك ثم تقوم الاحتكارات الكبرى بدور المركزة و التحكم و السيطرة. وبالتالي فالابتعاد عن القراءة وانتشار الفكر العدمي و التافه في كثير من الاحيان، هو امر موضوعي يعكس الانهيار الفكري و الثقافي للمنظومة الامبريالية الحاكمة عالميا. اما على مستوى الدول وظاهؤة النازية الجديدة و الشوفينية الرجعية فانها أوجه مختلفة لعملة ايدلوجية واحدة للطبقة الامبريالية الحاكمة عالميا، و هي الايدلوجية الصهيونية، وبالتالي فان معادة الصهيونية هو معاداة للامبريالية، ولا يمكن معاداة الامبريالية من دون معاداة الصهيونية فهما نتائج لرحم رأسمالي واحد. وان التظليل المستخدم في ان معادة الصهيونية هو معادة للسامية، هو نفاق مكشوف و هدفه الاساسي الدفاع عن الرأسمالية و الامبريالية.
ان كل ما تشكله الامبريالية من خطر على البيئة و التهديد بالحرب النووية التي سوف تنهي الحضارة البشرية، وازمات الفقر و الأمراض و البؤس و انعدام الافق و حالة الاغتراب الذاتي التي يعيشها انسان القرن ٢١، كل هذه التهديدات الوجودية للبشرية، تؤكد ان الخيار الذي اخترناه هو الخيار الصحيح ، وهو الخيار الانساني الذي سينقذ الوجود البشري، فإما الاشتراكية و اما فناء البشرية. وهذه مهمة كبرى للمنظمات الشبابية و الحزبية للطبقة العاملة العالمية و قوى التحرر الوطني في العالم. وبالتالي فإن التضامن الأممي يجب أن يأخذ أشكالاً أرقى و أكثر عملية وجدية في سبيل ليس الحفاظ على الحياة فحسب، بل الانتقال إلى مجتمع اكثر عدلاً وسلاماً، وهو المجتمع الاشتراكي في سبيل بلوغ المجتمع الشيوعي.
د. عمرو حمود حديفة