إقتصاد

أوصياء العالم .. حراس الرأسمالية الشاملة

♦أوصياء العالم .. حراس الرأسمالية الشاملة
.▪سليمان أحمد
.لم يعد الحديث عن دولة الرفاه والديمقراطية كما كان سابقاً
الرأسمالية أمام مفترق خطير وتعاني أزمات بنيوية عميقة ويفكر الرأسماليون الكبار وأسياد المال بإجراءات غير مسبوقة ، ليظهروا للعالم أن الرأسمالية متجددة وقادرة على الاستمرارية في كل وقت .
فنتيجة للأزمات الاقتصادية الدورية والتشوهات التي تعصف بالاقتصاد الرأسمالي وزيادة اهتلاكه ،يدرك القائمون عليه أن النموذج الحالي قد استهلك تماماً ،فتمركز الثروة في أيدي قلة قليلة وزيادة الاستقطاب الحاد في المجتمع ،وانخفاض معدل الربح – قد أرعبهم قانون ماركس الذي اكتشفه قبل أكثر من ١٥٠ عام وهو ميل معدل الربح للانحدار – الذي أصبح يرونه حقيقة ماثلة أمام أعينهم ، فهناك قطاعات كثيرة وصلت نسبة الربح فيها ما يقارب الصفر نتيجة الأتمتة العالية وقلة استخدام العمالة، حتى قال سوروس مازحاً : لقد توقفت الموسيقى منذ زمن ومازالوا يرقصون .
لكل هذه الأسباب ولتخلف قدرة الطلب المقتدر عن العرض في كل دورة ،دخلت الرأسمالية في نفق مظلم من الأزمات المتتالية .
الرأسمالية في مرحلتها الامبريالية وعلى الرغم من كل فائضها إلا أنها تحمل بذور فنائها .
لذلك استنفر الأثرياء في أوروبا العجوز ،وفي أمريكا المتخمة بالتضخم واليابان وكذلك البابا وكل جوقة المنظرين من دافوس الى بلومبرغ ،لابد من فعل شيء أو الهلاك المبكر .
.
إعادة الضبط الكبرى ..!!!
.
قرأوا للجميع .. أعمقهم كان كارل ماركس
لأنه المفكر الجدي الوحيد الذي درس الرأسمالية وحللها
بعد الأزمة الاقتصادية الدورية أعوام ٢٠٠٨-٢٠٠٩ واستمرار الركود وتراجع الربح المستمر تيقنوا مرة أخرى ان ماركس كان على حق دائماً ..
إذاً لا بد من تغيير المسار ولو قليلاً بتدخل قسري في العملية الاقتصادية ( يمهد له نظرياً ) لعلهم ينجون هذه المرة أيضاً .
إذا ما العمل ..؟
شيء ما يشبه الكينزية ولكن من مواقع مختلفة وفي ظروف مختلفة ، من يقومون بالدور هم المؤسسات والشركات الخاصة وليست الدولة ..! لأنهم أصلاً لم يعد يؤمنون بدور الدولة القومية
إنها الرأسمالية الشاملة وإعادة ترشيد توزيع الثروة كما يدّعون..!!!! والتصالح مع الطبيعة .

.
الرأسمالية الشاملة ( inclusive capitalism )
.
الرأسمالية الشاملة أو الحاضنة في بعض الترجمات الأخرى ..
كلاوس شواب هو أحد المنظرين لهذه الفكرة وهو الرئيس التنفيذي لمنتدى دافوس منذ تأسيسه في عام 1971 وإحدى أفكاره الذي يدعو إليها وبأسلوب منمق هي أن إدارة المشاريع الحديثة يجب أن لا تخدم المساهمين فقط ،ولكن أيضاً جميع الأطراف المهتمة من أجل تحقيق النمو والازدهار على المدى الطويل وهو ايضا صاحب فكرة ( أصحاب المصلحة المتعددين )
وفي منتدى دافوس عام 2021 دعى شواب إلى تخليص الاقتصاد العالمي من انبعاثات الكربون وأن نعيد تفكيرنا وسلوكنا إلى الانسجام مع الطبيعة ،
وللمعلومة فقط شواب هو ربيب كيسنجر منذ أيام هارفارد .
عائلتا روتشيلد وروكفلر وما لهما من نفوذ وبمباركة البابا فرانسيس والمؤسسات المالية والاقتصادية والشركات العملاقة استنفرت للانتقال إلى مرحلة وصاية عالمية وفرض أنماط جديدة مبدأها الأساسي – كما يعلنون – ان لا تعود الفائدة في العملية الاقتصادية فقط للمساهمين بل لجميع المشاركين في العملية والتخلي عن المبالغة في الربح وأن لا يكون الربح هو هدف العملية الاقتصادية ويجب خفض الأسعار والقضاء على الفقر وتحسين ظروف الناس بمبادرات من الرأسماليين أنفسهم .
إنها نوع من الإرادوية غير ممكنة التنفيذ ،ونوع من التلاعب بالألفاظ تكشف مرة أخرى أنهم لم يفهموا ماركس ولم يفهموا قانون الرأسمالية الأساسي وهو قانون الربح ،وأن الرأسمالية تعيش قلقاً غير مسبوق .
.
حراس الرأسمالية الشاملة (Guardians of inclusive capitalism )
.
في تحالف عالمي رهيب لأصحابي الثروة وأوصياء المال تم تشكيل هيئة عالمية من كبار العائلات المالية والمدراء التنفيذيين للشركات العملاقة سمي بمجلس الرأسمالية الشاملة عام ٢٠١٨هدفه التدخل القسري في العملية الاقتصادية على الصعيد العالمي من خلال ترشيد إعادة توزيع الثروة في جميع أنحاء العالم ويقدم نفسه على أنه ( منظمة مؤيدة للرأسمالية وتهدف إلى انشاء اقتصادات ومجتمعات أقوى وأكثر عدلاً وتعاوناً ) .
يقود المجلس مجموعة من قادة العالم الفعليين والمعروفين باسم ( حراس الرأسمالية الشاملة ) الذين يجتمعون سنويا مع البابا فرانسيس ويمثل هؤلاء القادة العائلات المالية والاقتصادية الكبيرة في العالم وتحت تصرفهم أكثر من 10.5 تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة ولديهم أكثر من 200 مليون موظف في أكثر من 163 دولة حول العالم وهناك اكثر من 250 شركة ومؤسسة لها ممثلون في المجلس منها :

  • لين فورستر دي روتشيلد ممثل عن عائلة روتشيلد
  • راجيف شاه رئيس مؤسسة روكفلر
  • رؤساء فيزا وماستر كارد
  • رئيس مؤسسة فورد دارين ووكر
  • رئيس شركة بريتيش بتروليوم
  • رئيس بنك أوف أمريكا
  • رئيس شركة موتورولا
  • ومبعوث الأمم المتحدة الخاص للمناخ
    ورؤساء عشرات من المؤسسات والشركات العالمية العملاقة الأخرى
    وكتبت مجلة فوربس أن الأوصياء كما يعرّف أعضاء مجلس الإدارة أنفسهم ،هم رؤساء شركات عالمية كبيرة ملتزمون باتخاذ خطوات جريئة لخلق رأسمالية شاملة .
    تقول لين فورستر دي روتشيلد في فيديو مسجل ” نحن نستجيب لتحدي البابا فرانسيس لإنشاء اقتصادات أكثر شمولية توزع بشكل أكثر عدالة فوائد الرأسمالية وتسمح للناس بتحقيق امكاناتهم الكاملة “
    وفي مكان آخر تقول : ” لقد خلقت الرأسمالية ازدهاراً عالمياً هائلاً ،لكنها تركت الكثير من الناس وراءها ،وأدت إلى تدهور كوكبنا ولم يعد المجتمع يثق بها على نطاق واسع ” .
    إنهم يريدون أن يظهروا للرأي العام ادعاءاتهم وتوجهاتهم هذه وكأنها ضرب من التجاوب الأخلاقي مع مصاعب وآلام الناس بناء على طلب البابا .
    حتى كتب أحد الصحفيين الرومانيين أن البابا فرانسيس مستعد أن يتحالف مع الشيطان من أجل الرأسمالية الشاملة .
    .
    الذئاب لا تأكل الأعشاب
    .
    الرأسمالية في مرحلتها الامبريالية مهما غيرت من شكلها واستخدمت مساحيق مختلفة ،ستبقى عفنة ، عدوانية ،مكتظة بالأزمات والمآسي ،قد تطيل من عمرها باجراءات مختلفة ولكنها لن تستطيع أن تغير الحقيقة التاريخية بأنها زائلة وآفلة في نهاية المطاف .
    أنهم يحاولون بشتى الوسائل أن يثبّتوا فكرة في أذهان الناس ،أن الأزمات والتفاوت الصارخ والتناقض مع الطبيعة الموجود في النظام الراسمالي هو نتيجة لانحرافات معينة ،ليست جوهرية من بنية النظام ومن الممكن بأساليب معينة تجاوزها وأن الرأسمالية ديناميكية إلى درجة كبيرة وقادرة على تجاوز أية أزمة تجابهها .
    البروفسور الروسي فالنتين كاتاسانوف وفي مقال له تحت عنوان ( الرأسمالية الشاملة أو الحاضنة كإيديولوجيا لإعادة التنضيد العظيم ترجمة عادل حبة كتب :
    ( لقد عاشت الرأسمالية في العالم لعدة قرون، حيث كان يسودها مبدأ (الانسان ذئب للانسان ) على مدى أجيال عديدة ، وترعرعت ذئاب الرأسمالية وهي تلتهم الأضعف ،والآن تعلن الذئاب أنها مستعدة من الآن فصاعداً أكل الأعشاب .
    دعونا نقلب صفحة هذا الهراء ،فالرأسمالية الحاضنة سيئة السمعة ،وهي عبارة عن ستار دخان يغطي خطط النخبة الرأسمالية العالمية وهذه النخبة مستعدة للتخلي عن السعي وراء الربح ، لكنها لن تتخلى عن السلطة تحت أي ظرف من الظروف ، لقد صُمم مخطط «إعادة التنضيد العظيم» من أجل الحفاظ على هذه السلطة وتقويتها ،إذ يعتزم أصحاب الأموال تحويل رؤوس أموالهم إلى أداة للسيطرة المطلقة على العالم ،ويبقى الجزء الساحق من سكان الكرة الأرضية على شكل فقراء ومعدمين ) .

مشروع اورورا الإعلامي

اترك تعليقاً

Scroll to Top