: خورشيد أحمد
———————————————————————-
الحلقة الخامسة.
الميثاق الملّي وتجدّد أحلام التمدّد السرطاني .
لطالما لوّحت تركيا بالميثاق الملّي في الآونةِ الأخيرةِ في وجهِ دولِ الجوار ، في كشفٍ صارخٍ للنوايا التوسعيّة التي تُشغلُ الذهنيةَ الطورانيّةَ للحكامَ الأتراك .
وهذا الميثاق الذي تمّ صياغتهُ عام ١٩٢٠ م بعد انتصار الحلفاء في الحربِ العالميةِ الثانية ، تضمنّت إحدى بنودهِ أنّ كلّ الأقاليم التي تتكلّم باللغةِ التركية هي تابعة لها ، ومن ضمنها الأقاليم العربيّة غير المحتلة ، شمال سوريا وعاصمتها حلب وشمال العراق وعاصمتها الموصل ،
لكنّ هذا الميثاق أُلغيَ في عهدِ أتاتورك باتفاقية لوزان ١٩٢٣ التي أعطت للأتراك مدينتا قارص وأرداخان ، بينما خرجت مدينة باطوم من السيادة التركية ، وهي مدينة تقع الآن في جورجيا .
كما خرجت من السيادة التركية كلّ من مدينتي حلب والموصل وقبرص كذلك .
ومع شعورِ كمال أتاتورك الداخي بإجحاف هذه الاتفاقيةِ ، لكنّ خشيتهُ من خسارةِ تركيا لإستقلالها بعد هزيمتها لليونان كجمهوريةٍ وليدةٍ دفعهُ باتجاهِ التوقيعِ على الاتفاقية .
لكنّ تركيا نكثت بهذه الاتفاقية وبتواطؤٍ فرنسا والتي كانت تحتلّ سوريا ، حيثُ احتلّت لواء اسكندرون عام ١٩٣٩ وسمّتهُ هاتاي ، ثمّ احتلّت شمالَ قبرص بعد ذلك في العام ١٩٧٤ ، بإعتبار أنه تسكنه غالبيّة تركية ، ويجب عليها حمايتهم من بطشِ القبارصة اليونانيين ، كما أقامت وبشكلٍ غيرِ شرعيّ قواعد لها في شمال العراق ، بلغت ٢٠ من القواعد والمقرّات العسكرية التركية في محافظتي أربيل ودهوك ، وتقع كبرى القواعد في إقليم كردستان العراق بمهبط الطائرات المسمّى ” بامرني ” شمال مدينة دهوك .
وفي إطار هذه الذهنية التوسعيّة كانت تصريحات ياسين أقطاي مستشار أردوغان ودعوته لإحتلال مدينة حلب السورية ، كما أكّدَ على هذا التوجّه الاحتلالي للنظام التركي وزير الداخلية سليمان صويلو وخاصةً ما يتعلّق بحلب وتصريحهِ بأنّ حلب تقعُ في حدودِ ما سماهُ بالميثاق ” الوطني ” وكذلك إنّ ٦٢% من اللاجئين السوريين في تركيا جاؤوا من حدودِ الميثاقِ الملي ، معتبراً أنّ ذلك يخوّلهم أن يصبحوا أتراكاً .
والجديرُ بالذكرِ أنّ أردوغان قد سبقَ صويلو وأقطاي في التطرّقِ إلى الميثاقِ الملّي حينَ رفضَ العراق مشاركة تركيا عام ٢٠١٦ في عمليّةِ تحريرِ مدينة الموصل ، حيثُ قالَ : أنّ موصل كانت لتركيا ، وعلى الحكومة العراقية قراءة الميثاق الملي ليفهموا ما تعنيه الموصل لتركيا وبدأت بعد ذلك الصحف التركية بنشرِ خارطةِ حدود الميثاق الملي التي تشمل مناطق العراق وسوريا وإيران وجورجيا وأرمينيا واليونان وبلغاريا .
وقد بدأت تركيا باحتلال مناطق جرابلس والباب والراعي وعفرين ، وصولاّ إلى احتلال كلّ من رأس العين ” سري كانيية ” وتل أبيض ” گري سپي ” شمال سوريا ، وتهجير سكان هذه المناطق، والذي قال أردوغان في العام ٢٠١٨ أنّ هذه المناطق كانت ضمن حدود الميثاق الملي .
يتبع ……